زكاة التجارة والصناعة

زكاة الثروة التجارية

يقصد جميع الأموال التي اشتريت بنية المتاجرة بها، سواء بالاستيراد الخارجي أو الشراء من السوق المحلية، وسواء كانت عقاراً أو مواد غذائية أو زراعية أو مواشي أو غيرها وقد تكون بضائع في محل تجاري لفرد أو لمجموعة من الأفراد، وهذه الأموال يطلق عليها عروض التجارة.

أما المؤسسات التي يقتصر عملها على الصناعة للآخرين، فلا تعد أدواتها التي تستعملها من عروض للتجارة، كما هو الحال في الشركات التي تتخصص في أعمال المقاولات في البناء والإنشاء ونحو ذلك من تجارة وحدادة فهي صناعية وإن لم يطلق هذا الاسم عليها فلو اشتريت هذه الشركات الصناعية بضائع ومواد يقصد بيعها بعد تصنيعها فإن هذه المواد تعتبر عروضاً تجارية وتزكى قيمتها خالية من الصناعة.

——————–

الفرق بين عروض القنية وعروض التجارة:

يقصد بعروض القنية تلك العروض المعدة للاقتناء والاستعمال الشخصي، لا للبيع والتجارة، وتعرف في المحاسبة المالية بالأصول الثابتة. وهي التي ينوي التاجر أو الشركة التجارية عند شرائها الاحتفاظ بها لأنها أدوات إنتاج، مثل الآلات والمباني والسيارات والمعدات والأراضي التي ليس الغرض منها بيعها والمتاجرة بها، وكذلك الأواني والخزائن والرفوف التي تعرض فيها البضاعة وكذلك المكاتب والأثاث…الخ، فجميع هذه الأصول الثابتة لا زكاة عليها.

أما عروض التجارة وهي العروض المعدة للبيع، وتعرف في المحاسبة المالية بالأصول المتداولة وهي التي ينوي التاجر أو الشركة التجارية عند شرائها المتاجرة بها مثل البضائع والسلع والآلات والسيارات والأراضي التي تشترى بنية المتاجرة بها، فإنها تجب فيها الزكاة إذا ما استوفت شروط وجوب الزكاة.

——————–

شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة:

يشترط لوجوب زكاة مال التجارة ما يشترط في المال النقدي من الشروط وهي: الإسلام، والحرية والملك التام، وبلوغها النصاب، وحولان الحول، وأن تشترى بقصد الاتجار، زاد المالكية أن تشترى بعين، أي نقد، فلو لم تشتر بعين لم تجب فيها زكاة التجارة، حتى تباع أو يشترى بثمنها تجارة.

ثم أنه إذا اشترى عرضاً معيناً بنية المتاجرة فيه ثم قبل أن يبيعه حول نيته فيه إلى الاستعمال الشخصي خرج عن كونه عرضاً تجارياَ فلا تجب فيه زكاة، وكذلك إن اشترى عرضاً للقنية ثم غير نيته إلى البيع فلا يكون فيه زكاة حتى يبيعه بنقد ويشتري به عرضاً تجارياً.

——————–

كيف تزكى الثروة التجارية:

إذا حل موعد الزكاة ينبغي للتاجر المسلم ـ أو الشركة التجارية ـ أن يقوم بجرد تجارته ويُقوِّم البضاعة الموجودة ويضمها إلى ما لديه من نقود ـ سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها _ ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو جهات أخرى مما لا يجد لها سداداً إلا مما في يده من عروض، ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر ( 2.5 % ) ونستطيع أن نوجز ذلك في المعادلة التالية:

مقدار الزكاة = [ قيمة البضاعة الموجودة + السيولة النقدية بالصندوق أو البنك + الدين المرجو للسداد _ الديون التي على المزكي للغير التي لا سداد لها إلا مما في يده من عروض × 2.5 % ]

يقيم التاجر ثروته التجارية بسعر السوق الحالي سواء كان سعر السوق الحالي منخفضاً عن سعر الشراء أو مرتفعاً فالعبرة بسعر السوق الحالي.

ويكون تقويم عروض التجارة بسعر بيع التجزئة لأهل بيع التجزئة، وبسعر الجملة لأهل بيع الجملة، وبالسعر المتوسط لمن يبيع بالجملة والتجزئة معاً.

——————–

الديون التجارية

إن عملية التجارة والبيع والشراء قد تتم نقداً أو بالأجل، فكيف يتعامل التاجر مع الديون التجارية؟

أولاً: الديون التي للتاجر على الآخرين:

1. دين مرجو الأداء: وهو ما كان على مُقر بالدين قادر على أدائه، أو جاحد للدين لكن له عليه بينة ودليل بحيث لو رفع الأمر إلى القضاء لاستطاع التاجر استرداده. وهي ما تعرف بالديون الجيدة، ففي هذه الحالة على التاجر أو الشركة التجارية تزكية مبلغ الدين مع زكاتها كل عام عند غير مالك رحمه الله تعالى.

2. دين غير مرجو الأداء: وهو ما كان على جاحد ومنكر للدين و لا بينة عليه، أو ما كان على مقر بالدين لكن كان مماطلاً أو معسراً لا يقدر على السداد، وهي ما تعرف بالديون المشكوك في تحصيلها، فليس على التاجر أو الشركة التجارية زكاة في هذا الدين إلا بعد أن يقبضه فعلاً فيزكيه عن سنة واحدة فقط عند مالك وإن بقى عند المدين سنين، وعند غيره تزكى كل سنة.

——————–

ثانياً: الديون التي على التاجر للآخرين:

إن كان التاجر يجد ما يسدد به ديونه في مقتنياته الأخرى كعقار أو مزارع أو سيارات أو نحو ذلك مما هو فاضل عن حاجته الضرورية، فإن هذه الديون عندئذ لا تؤثر على وعاء الزكاة بل عليه أن يسد ديونه من هذه الممتلكات، ويبقي وعاء الزكاة سليماً فإن لم يكن شئ مما ذكر كان عليه، أن يخصم ديونه من وعاء الزكاة إن كان عيناً أو عرضاً، دون الحبوب والثمار أو بهيمة الأنعام ثم يزكي ما بقي، وهذا خلافاً للشافعي الذي لا يرى أثراً للديون المستحقة على وعاء الزكاة ما دام المال في يده حيث يرى أنه لا يتعين عليه صرفه فيه.

——————–

زكاة الثروة الصناعية:

في الثروات الصناعية تكون الزكاة في الربح دون رأس المال الذي غالباً ما يتحول إلى أصول ثابتة، لا زكاة فيها مثلاً الآلات والمعدات والمباني التي تحوي المصانع، فهذه تعد أدوات إنتاج ولا تخضع أدوات الإنتاج إلى الزكاة.

ويؤخذ في الاعتبار أن المواد الخام المستخدمة في المصنع إذا حال عليها الحول أو ضمت إلى حول حساب مشابه كالنقود أو عروض التجارة تجب فيها الزكاة، سواء كانت مخزنة لدى الشركة لم تستعمل بعد، أو استعملت في أشياء قد تمت صناعتها ولم يتم بيعها إلى أن حل موعد الزكاة فإن ضمت إلى عروض التجارة، جرى عليها حكم التجارة في الإدارة والاحتكار، كما هو مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، خلافاً لغيره..

فإن كان مديراً وهو الذي يبيع بسعر اليوم وإن قل البيع زكى تجارته كل عام.

وإن كان محتكراً وهو الذي يتربص بتجارته غلاء الأسعار، زكاها عند بيعها لعام واحد.